بقلم المهندس/ طاق بدراوى
** حي كرموز **
منطقة حي كرموز تعتبر أقدم مناطق مدينة الإسكندرية وهي أصل المدينة نفسها وهي مكان قرية راكوتيس القديمة التي أقيمت مكانها مدينة الإسكندرية علي يد الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد والتي تم تسميتها بهذا الإسم نسبة إليه والتي أكمل بناؤها خلفاؤه البطالمة من بعده بعد وفاته في ريعان الشباب وجعلوا منها العاصمة الرئيسية لمصر وهي تقع وسط جنوب مدينة الإسكندرية الحالية ويحدها جنوبا بحيرة مريوط ومن ناحية الشرق حى محرم بك المتلاصق معها ويحدها من الشمال حى اللبان وحي العطارين ويحتوى حى كرموز على عدة مناطق أهمها منطقة غيط العنب ومنطقة كوم الشقافة ومنطقة جبل ناعسة ومنطقة الكارة ومنطقة باب سدرة ومعظمها مناطق شعبية مزدحمة بالسكان وتعاني من مشاكل كثيرة أهمها إنتشار العشوائيات وإشغالات الطريق والمباني والعقارات المخالفة إلي جانب مشاكل تراكم القمامة بشوارعها …..
وبمنطقة حي كرموز عدة معالم سياحية أهمها مقابر كوم الشقافة الأثرية وهي ترجع للعصر الرومانى بالمدينة وتعود تسمية المنطقة بـكوم الشقافة بسبب كثرة البقايا الفخارية التي كانت تتراكم في هذا المكان وترجع أهمية تلك المقبرة نظرا لإتساعها وكثرة زخارفها وتعقيد تخطيطها كما أنها من أوضح الأمثلة علي إختلاط الفن الفرعوني بالفن الروماني في الإسكندرية والتأثير الملموس للفن الفرعوني علي الفن الروماني كما أنها تعد من أروع نماذج العمارة الجنائزية في الإسكندرية ولقد عثر علي المقبره بطريق الصدفة البحتة في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني يوم 28 سبتمبر عام 1900م حيث كانت الحفائر قد بدأت في هذه المنطقة قبل ذلك بحوالي 8 سنوات أى منذ عام 1892م إلا أنه لم يعثر عليها إلا في عام 1900م مصادفة وهذه الصدفة تمت بواسطة حمار حيث أن الحمار سقط في الفتحة الرئيسية للمقبرة على عمق حوالي 12 مترا وبالتالي عرف القائمون بالحفر أن هناك آثار في هذه المنطقة وهم يبحثون عن سبب سقوط الحمار وكان ذلك سببا رئيسيا في إكتشاف تلك المقابر الأثرية……
ومن المعالم الأثرية في منطقة حي كرموز نجد أيضا عمود السوارى والذي أنشيء خلال العصر الرومانى في أواخر القرن الثالث الميلادى حوالى عام 292 م إحتفالا بقدوم الإمبراطور الروماني دقلديانوس من روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية لزيارة مصر وهو يعتبر من أشهر المعالم الأثرية في الإسكندرية وقد أقيم فوق تل باب سدرة بين منطقة مدافن المسلمين الحالية والمعروفة بإسم مدافن العمود وبين هضبة كوم الشقافة الأثرية وهو آخر الآثار الباقية من معبد السيرابيوم الذي أقامه بوستوموس ويعتبر أعلى نصب تذكاري في العالم وقد قيل إن هذا العمود قد أهدي للمسيحية بعد إنتصارها في الإسكندرية علي مريام في معركة القميص وتعود تسمية العمود بإسم عمود السواري إلى العصر العربي حيث يعتقد أنها جاءت نتيجة إرتفاع هذا العمود الشاهق بين 400 عمود آخر وهو ما يشبه صواري السفن ولذلك أطلق عليه العرب عمود الصواري والتي حرفت فيما بعد إلى السواري وقد عرف عمود السواري بالخطأ منذ الحروب الصليبية في القرن الثاني عشر الميلادى بإسم عمود بومبي ويرجع هذا الخطأ إلى أن بعض الأوروبيين ظنوا أن رأس القائد الروماني الشهير بومبي الذي هرب إلي مصر فرارا من يوليوس قيصر وقتل في مصر ظنوا أن رأسه قد وضعت في جرة جنائزية ثمينة ووضعت فوق تاج العمود إلا أنه قد تم تصحيح هذا الخطأ بعد ذلك بعد إنتهاء تلك الحروب وعادت للعمود تسميته الأصلية عمود السوارى …..
ويوجد في حي كرموز مستشفي عام يقدم الخدمات الطبية لأهل الحي كما تم الآن بها إنشاء سوق من أهم أسواق مدينة الإسكندرية وهو سوق الساعة حيث تكثر هناك محلات بيع الإقمشة والمفروشات والملابس النسائية هذا وهناك إختلاف في الآراء حول تسمية منطقة كرموز بهذا الإسم المشتق من كلمة كرموس وهي الإسم الأصلى للمنطقة وهو كما يتضح إسم يونانى وربما ترجع هذه التسمية نسبة إلى فاكهة التين حيث كانت زراعتها منتشرة في هذه المنطقة حتى منطقة رأس التين حاليا حيث كانت توجد أشجار التين بوفرة كبيرة …..